الصورة الكوميدية التي شاهدناها أكثر من مرة في الأفلام حيث يقف خادم الغرفة أمام النزيل بانتظار البقشيش أو حتى إنه يمد يده، لا تمت إلى الواقع بصلة. فعالم البقشيش في الفنادق أكثر تعقيداً بكثير من ذلك. باستثناء الفنادق العليا من فئة خمس نجوم، حيث تبقى الخدمة على مستواها الممتاز سواء دفع الضيف بقشيشاً أم لم يدفع، يلعب البقشيش دوراً مهماً في تحسين الخدمة في كل الفئات الأخرى من الفنادق.
وعلى نزيل الفندق أن يحسب حسابه سلفاً بما لا يقل عن 10 أو 15 في المئة من التكلفة المتوقعة لإقامته. ولا يخلو عالم البقشيش من بعض النيات المبطنة عند الزبائن في بعض الأحيان، كما لا يخلو أيضاً من بعض «الألاعيب» الصغيرة عند المضيفين لاستخراج مزيد منه من جيوب النزلاء.
فلأن البقشيش الأول الذي يُدفع لحامل الحقائب إلى الغرفة هو الأهم، لأن عمال الفنادق يتبادلون ملاحظاتهم حول النزلاء، يتباهى مسافر حريص جداً على ماله بأنه يدفع عشرين دولاراً لمن يوصل حقائبه إلى الغرفة. ويحظى بأفضل الخدمات خلال إقامته دون أن يدفع قرشاً إضافياً. وفي الجهة الأخرى، نلاحظ تقنيات مختلفة، خاصة في الفنادق من فئة ثلاث نجوم وما حولها.
فالعاملون في خدمة الغرف، يضعون منشفة كبيرة واحدة في الحمام، وكأنه فاتهم سهواً أن يضعوا منشفة صغيرة للأيدي.. ولذا لا بد للنزيل من أن يطلبها وأن يدفع بقشيشاً لحاملها.
ويمكن للنزيل أن يطلب قهوة وقنينة ماء من خدمة الغرف، فيأتيه طلبه ناقصاً إما قنينة الماء أو السكر للقهوة. ويدفع بقشيشاً وهو يلفت العامل إلى ما فاته إحضاره. ولكن العامل نفسه ليس هو من يأتي بقنينة الماء أو السكر الناقص، بل واحد غيره، يستأهل بقشيشاً آخر بدوره. ومن يدفع بقشيشاً للعامل الذي يأخذ الملابس إلى التنظيف، عليه أن يعرف سلفاً أن ملابسه لن تعود إلى الغرفة في غيابه، بل عليه أن يطلبها، لكي يكون حضوره مضموناً، كما أن من سيأتيه بها هو غير من أخذها.
ولذا، فإن القاعدة الذهبية والعامة في عالم البقشيش هي:
«لا تدفع إلا بعد حصولك على الخدمة كاملة».
غير أن ما قد يفاجئ الكثير إلا الذين خبروا العيش طويلاً في الفنادق، هو وجود عامل أهم من البقشيش قد يرفع الخدمة التي يحظى بها النزيل حتى أفضل المستويات الممكنة: تبادل التحيات.
فمبادرة النزيل إلى إلقاء التحية على الموظفين والعمال في الفندق، هي ذات مفعول لا يمكن توقعه. فهؤلاء يحبون أن يحييهم النزيل، ربما لما يلقونه أحياناً من معاملات خشنة من بعض الزبائن، وربما لما في ذلك من تقدير شخصي «مهم» لعملهم، أو لسبب آخر. قد تكون التحية مجرد كلمة واحدة في البدء، ولكن لا بأس في أن يضيف إليها النزيل في اليوم التالي «.. كيف حالك اليوم؟» وسيُقابل سؤاله بابتسامة، وخدمة أفضل.
المصدر: مجلة القافلة